مثل عدد كبير من الكتاب تلقيت رسالة استغاثة من أهالي دمياط تقول "لا لمصنع السرطان الكندي. أغيثوا شعب دمياط من الهلاك وأنقذوا جزيرة رأس البر من الدمار".
وشعرت بمزيج من الفخر والحزن. فخور بالدور المباشر الذي يقوم به الأهالي البسطاء للنضال
ضد كارثة بيئية وصحية رهيبة، تفرضها عليهم الحكومة دون أدني إحساس بالمسئولية عن صحة شعبها، وعن مستقبل رقعة ربما تكون الأفضل في مصر. وحزين لأن هذا الشعب مضطر لأن يستغيث بمثقفين وكتاب لإنقاذه بدلا من العكس. فثقتي كاملة في أن الشعب هو المنقذ ولا سبيل للإنقاذ الوطني سواه. وأثق أن نسبة كبيرة من المصريين، وهم الذين أحبوا مصيف رأس البر، سيعارضون هذا المشروع المريع لأنه ينهي هذا المكان الجميل كمصيف عائلي مميز ويجعله مزرعة للسرطان.
ومن الطريف أن تتأملوا الحجج، التي يسوقها رجال السلطة والمال لتبرير غزو منطقة مثل رأس البر، وأخري مثل الضبعة. فهم يتلمظون علي منطقة الضبعة التي اختارها فريق علمي من بين عشرات المواقع لإقامة المشروع النووي المصري بذريعة السياحة! وفي منطقة رأس البر هناك سياحة فعلا ولا تحتاج سوي لاستثمارات بسيطة للغاية لكي تصبح مغناطيسا للسياحة العالمية. ولكنهم يريدون التخلص منها باسم الاستثمارات الأجنبية!
خلصونا و"هاتوا من الآخر"! لماذا تريدون الاستيلاء علي رأس البر وتدميرها كمنطقة بيئية من أجل مشروع استثمار كندي تافه بالضبط؟ هل المطلوب هو الصلاة ليل نهار للاستثمار الأجنبي؟ هل المطلوب هو أن تظهر هيئة الاستثمار أنها أشطر من غيرها، وأنها قادرة علي إضافة أرقام حتي لو كانت لمصنع سرطاني متكامل؟ أم أن الهدف في الحقيقة هو التخلص من الشعب في هذا المكان وإجباره علي الرحيل من بلده هربا من موت مؤكد وتشوهات شرحها باستفاضة الخبراء في كندا قبل أن يقولها الخبراء في مصر؟.
الاستنتاج المنطقي الذي يفسر الفارق بين الضبعة ورأس البر هو أن الأولي بدون سكان ويسهل منحها للأجانب، بينما المطلوب هو التخلص من المصريين في الثانية لمنحها للأجانب أيضا.
ورأيي هو أنه إن كان من المحتم أن نمنح شيئا ما للأجانب فهو الحكومة. فقد ثبت أن الاستعمار الأجنبي كان أكثر استجابة للضغوط الشعبية ولمعايير الصحة والبيئة من الاستعمار المحلي